.
.
.
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى صل الله عليه وسلم ...
وبعد :
فإن من يتأمل علاقات كثيرٍ من المسلمين اليوم مع بعضهم البعض يرى هفُوةً كبيرةً بينهم
في علاقاتهم ، فقد طغت الشحناء وغلب التهاجر ، وزادت البغضاء حتى وصل الأمر
إلى الأرحام والأقارب والجيران ، ولو فتشنا في أسباب هذا الخلاف وذاك التهاجر
وجدناه لا يعدو أن يكون سبباً تافهاً أو أمراً ليس ذا قيمة ، فهذا يهجر أخاه لأنه لم يدعوه
لوليمة، وثانٍ لأنه لا يرد على اتصالاته ، وثالث لأنه قام بنهر أحد أبنائه ..
فتنشب الخلافات وتزداد هوتها ويُعرضْ كل واحدٍ عن أخيه ، وما علم هؤلاء أن هذا هو
مطمع الشيطان وغاية ما يتمناه ولا عجب فهو الذي أقسم بعزة الله أن يغوي بني آدم وأن
يزين لهم الباطل وهو الذي ما فتئ يحرش بين المؤمنين ويوغر صدور المسلمين ، قال
الله تعالى ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ
لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً ﴾، ولو تفحصنا كثيراً في سوء العلاقة بين المسلمين فيما بينهم
لوجدناها لا تخرج عن جهلٍ وبعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
مطهرات القلوب
• الكلمة الطيبة
فيا الله كم أثرت في قلوب المتخاصمين ، كلمة طيبة فقلبت الكدر صفواً ، والحقد محبة ،
والعداوة رحمة ، ولا عجب فصاحب الكلمة الطيبة ممتثل لأمر الله تعالى القائل
﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ البقرة 83 .
۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞
• أداء حق المسلم على أخيه
فهذه الحقوق لها أثرٍ عظيم في نفوس المؤمنين ومن ذلك: إفشاء السلام ، وإفشاؤه بمعنى
إظهاره والإكثار منه ونشره وعدم تخصيصه بالمعرفة فهو من الأسباب الجالبة للمحبة،
قال صلى الله عليه وسلم: « أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم»
رواه مسلم ، وقال ابن عمر : إني لأخرج وما لي حاجةٌ إلا أن أسلم على الناس ويسلموا
علي. فالسلام أثره عظيم وبه تُستمال قلوب المتخاصمين ، فلو أُديت هذه الحقوق لما
وجدنا حجم هذه الخلافات والخصومات التي نراها اليوم .
۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞
• الهدية
قال صلى الله عليه وسلم : « تهادوا تحابوا» رواه البخاري في الأدب المفرد، وقال
صلى الله عليه وسلم: « لو أهدي إلي كُراع أو ذراع لقبلت » رواه البخاري، مما يدل
على حرصه على الإهداء ولو كان في الشيء القليل في أعين الناس ، وللهدية مفعول
عظيم في إزالة كدر القلوب وتنافرها .
۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞
•البشاشة والطلاقة والابتسامة
فكم من إنسان وقعت محبته في قلبك من غير سابق معرفة سوى أنه كثير البشاشة منطلق
الأسارير .. قال جرير رضي الله عنه: ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتسم
في وجهي ..
۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞
• اجتناب سوء الظن
قال الله تعالى في اجتناب سوء الظن الذي سماه الله إثماً ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً
مِّنَ الظَّن ﴾ الحجرات 12، ولم يقل سبحانه اجتنبوا قليلاً من الظن , وذلك لأن الأكثر
والأغلب هو سوء الظن ، وهو مما أفسد علاقات المسلمين مع بعضهم وعكَّر صفو وُدهم
وأورثهم العداوة والبغضاء .. وكم من قولٍ أو فعلٍ تعجل صاحبهُ بالحكم به على أخيه
فأبغض أخاه وعاداه ، ثم ندم بعد ذلك كونه كان مجرد ظن لم يغن عنه من الحق شيئاً ثم
بعد ذلك تَعَسْرَ أن يرجع الود كما كان ..
۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞ ۩ ۞ Җ ۞
• التمايز بالأطباع
تذكر أن الله خلق الخلق فمايز بين أطباعهم وغاير بين عقولهم وفرق بين تصرفاتهم ، فهم
ليسوا سواسية في الطباع والأخلاق والتصرفات ، فإذا علم الإنسان ذلك عامل كل واحدٍ
بحسبه ، وهذه تحتاج إلى قوةُ فقه ورجاحةُ عقل يصاحبها صبرٌ مقترنٌ برفقٍ ولين ..