سم الله والصلاة والسلام على نبي الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد ، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
كلنا يعلم أن الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، علمه شديد القوى ، وهذه أحاديث نبوية في فضل أهل عُمان :
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا جابر أبو الوازع قال سمعت أبا برزة يقول
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حي من أحياء العرب فضربوه وسبوه فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا ذلك إليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لو أهل عمان أتيت ما ضربوك ولا سبوك
حدثنا يزيد أخبرنا جرير بن حازم وإسحاق بن عيسى قال حدثنا جرير بن حازم عن الزبير بن الخريت عن الحسن بن هادية قال لقيت ابن عمر قال إسحاق فقال لي ممن أنت قلت من أهل عمان قال من أهل عمان قلت نعم قال أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى فقال
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بجانبها وقال إسحاق بناحيتها البحر الحجة منها أفضل من حجتين من غيرها .
حدثنا يزيد أخبرنا جرير أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال
خرج رجل من طاحية مهاجرا يقال له بيرح بن أسد فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام فرآه عمر رضي الله عنه فعلم أنه غريب فقال له من أنت قال من أهل عمان قال نعم قال فأخذ بيده فأدخله على أبي بكر رضي الله عنه فقال هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد سمعت حبيبي عليه السلام يقول : " يَكْثُرُ وُرّادَ حَوْضي مِنْ أَهْلِ عُمَان " .
حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا الوليد حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال
لتمخرن الروم الشام أربعين صباحا لا يمتنع منها إلا دمشق وعمان
الشرح :
لتمخرن )
: بالنون المثقلة من مخرت السفينة وتمخر كيمنع وينصر إذا جرت تشق الماء مع صوت . وكان مراده بهذه الآثار في هذا الباب بيان انقضاء الخلافة وظهور الفتن بعد زمان الخلفاء الراشدين , كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كذا في فتح الودود
( الروم )
: فاعل
( الشام )
: مفعول , والمعنى تدخل الروم الشام وتخوضه وتجوس خلاله , فشبهها بمخر السفينة البحر
( لا يمتنع منها إلا دمشق وعمان )
: قال في القاموس : عمان كغراب بلد باليمن ويصرف وكشداد بلد بالشام . وهذا الحديث ليس في نسخة المنذري , وأورده المزي في المراسيل وقال أخرجه أبو داود ولم ينسبه إلى أحد من الرواة .
وهذه قصة إسلام مازن بن غضوبة - رضي الله عنه - ودعاء الرسول لأهل عمان
هو مازن بن غضوبة بن سبيعة بن شماس من ولاية سمائل، يعتبر مازن أول عماني دخل الإسلام، ويرجع الشيخ السالمي في كتابه تحفة الأعيان سبب مبادرة مازن بدخول الإسلام إلى أنه سمع صوتا يخرج من صنمه باجر يقول:
يا مـازن اسمع تسر ظهر خير وبطن شر
بعـث نبي من مضر بـدين الله الأكبـر
فدع نحيتا من حجر تسلم من حر سقـر
وعاود عليه هذا الصوت مرة ثانية وهو يقول:
أقبــل إليّ أقبل تسمـع ما لا يجهل
هـذا نبي مرسل جـاء بـحق منزل
آمن به كي تعدل من حـر نار تشعل
وقـودها بالجنـدل
فأخذ يفكر في أبعاد ذلك ويحكم عقله وما أن سمع بقدوم رجل من أهل الحجاز إلى الأراضي العمانية حتى سارع بلقياه ليسأله عما يحمل من أخبار فأشار إليه بأن نبيا مبعوثا في الحجاز يدعو إلى عبادة الله، فركب مازن راحلته متوجها إلى الرسول الكريم صلوات الله عليه.
وبعدما أسلم مازن بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم سأله بأن يدعو لأهل عمان في جملة من الأمور كما سأله بأن يدعو له شخصيا ويمكن تلخيص هذه الطلبات على النحو التالي:
1- دعاء عام لأهل عمان، فدعا لهم الرسول بالهداية والتثبيت وأن يرزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدره لهم الله.
2- دعاء يتعلق بالاقتصاد الوطني، فدعا لهم الرسول بالسعة وكثرة الرزق من البحر.
3- دعاة يتعلق باستتباب الأمن، فدعا لهم الرسول بأن لا يسلط عليهم عدوا من غرهم.
4- دعاء شخصي لمازن، فدعا له الرسول بأن يقرأ القرآن ويمتنع عن شرب الخمر وبالطهارة في المعاشرة الزوجية.
وقد لمس مازن فيما بعد أنّ أدعية الرسول الكريم له ولأهل عمان قد تحققت بالفعل فأنشد يقول:
إليـك رسـول الله خبّت مطيتي تجـوب الفيافي من عُمـان إلى العرج
لتشفع لي يا خيرا من وطئ الحصا فيغفـر لي ربي فـأرجـع بـالفلـج
إلى معشر جـانبت في الله دينهم فلا دينهم ديني ولا شرجهم شـرجي
وكنت امرءا باللهـو مـولعـا شبــابي إلى أن آذن الجسـم بالنهج
فبـدلني بالخمـر أمنـا وخشية والعهر احصـانا فحصّـنَ لي فـرجي
فأصبحت همي في الجهـاد ونيتي فلله مـا صـومي و لله مـا حجـي
وعندما زار مازن الرسول الكريم مرة أخرى، قدّم له الشكر والثناء، ونقل له ما تتمتع به عمان من ازدهار ببركة دعائه فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (ديني دين الإسلام سيزيد الله أهل عمان خصبا فطوبى لمن آمن بي ورآني وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرن ولم ير من رآني وإن الله يزيد أهل عمان إسلاما).
خطبة ابي بكر الصديق رضي الله عنه لأهل عُمان :
( يا معشر أهل عُمان ، انكم أسلمتم لله طوعاً ولم يطأ رسول الله ساحتكم بخف ولا حافر ولا جشمتموه كما جشمه غيركم من العرب، ولم ترموا بفرقة ولا تشتت شمل ، فجمع الله على الخير شملكم ، ثم بعث فيكم عمرو بي العاص بلا جيش ولا سلاح ، فأيدتموه اذ دعاكم على بعد داركم ، وأطعتموه اذ أمركم على كثرة عددكم وعدتكم ، فأي فضل أبر من فضلكم وأي فعل أشرف من فعلكم ، كفاكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفاً الى يوم الميعاد ، ثم أقام فيكم عمرو ما أقام مكرماً ورحل عنكم عنكم اذ رحل مسلماً ، وقد مّن الله عليكم باسلام عبد وجيفر ابني الجلندي وكنتم على خير حال حتى أتتكم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهرتم ما يضاعف فضلكم وقمتم مقاماً حمدناكم فيه ومحضتم بالنصيحة وشاركتم بالنفس والمال ، فيثبت الله ألسنتكم ويهدي به قلوبكم ، وللناس جولة فكونوا عند حسن ظني فيكم ، ولست أخاف عليكم أن تغلبوا على بلادكم ولا أن ترجعوا عن دينكم ، جزالكم الله خيراً ) .
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا مهدي بن ميمون حدثنا جابر أبو الوازع قال
عن أَبَا بَرْزَةَ قَالَ :بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا إِلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ ( وشتموه ) فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( لَوْ أَنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ مَا سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ )) .