تحتفل العديد من دول العالم بعيد النيروز وهو أول أيام الربيع وتختلف الأسباب التاريخية في هذا العيد لكن تتوحد المعاني وهي البدء والحياة.
ويعود تاريخ الاحتفال بهذا العيد (عيد النيروز) إلى الحضارة البابلية والسومرية حيث ظل سكان الرافدين يحتفلون بهذا العيد لحوالي ثلاثة آلاف عام حتى انتشار المسيحية.
فقد سماه السومريون (زكموك) وفي بابل ونينوى (اجيتو - الحج) أي عيد رأس السنة ويبدأ في اول يوم من السنة حسب التقويم السومري الذي يعتبر يوم المنقلب الربيعي ويصادف الآن (21 آذار) حيث تنبثق الحياة ويظهر الربيع, فقد كان الكاهن الأعظم يصلي للأله (مردوخ) أي اله النور وقد انتقلت تقاليد الاحتفال بهذا العيد إلى الشام مع انتقال الميراث السومري.
يعتبره المسيحيون عيد القيامة المسيحية بعيد (الفصح ـ أي الطبيعة التي تفصح وتتفتح في الربيع) وقد اعتبره العباسيون عيداً رسمياً ولكن مع تبني اسمه الفارسي (نوروز) أصبح الاحتفال بهذا العيد أمراً شائعاً ورسمياً يعني أسمه بالفارسية: "اليوم الجديد".
كذلك إهتمت الدولة العثمانية قديما بعيد النيروز, حيث تقرأ فيه قصائد "النيروزية" للسلطان والمجتمعات التركية في وسط اسيا مازالت تحتفل به حتى يومنا هذا مثل الازريين والكزاك وكِرجز والتركمان وأوزبك والتتار بالإضافة إلى المجتمعات التركية في البلقان.
وتبدأ احتفالات النوروز في أول يوم من أيام الربيع الذي يصادف الحادي عشر من مارس/ آذار، وهو بداية تقويم السنة الجديدة في إيران وأفغانستان ومناطق كردستان وفي بعض بلدان آسيا الوسطى.
وبالرغم من أن أصل الاحتفال يعد لغزا، لكن هناك من يقول إنه بدأ قبل آلاف السنوات في مناطق فارس القديمة كاحتفال بقدوم الربيع للاحتفال بتجدد الطبيعة بعد فصل البرد.
وبعد ذلك تبنت القوميات والديانات المختلفة في المنطقة الاحتفال بعيد النوروز.
وترافق الاحتفالات بالعيد طقوس معينة منها إشعال النار والقفز فوق المشاعل للتخلص من الأمراض وسوء الحظ حسب بعض الاعتقادات..
وفي المناطق التي يقطنها أكراد في العراق وتركيا وسورية وإيران وغيرها يولي الأكراد المناسبة أهمية خاصة وتختلف مظاهر الاحتفال من مكان لآخر وفقاً للظروف السياسية السائدة احتفال الأكراد في جميع أماكن وجودهم بعيد النيروز، بإشعال النيران ليلة 21 آذارمن كل عام والتجمع في ساحات المدن والقرى للغناء والرقص وتناول الطعام طوال النهار، يعبر عن وحدة ثقافية تعكس الوطنية الكردية.
وفي أذربيجان يستعد السكان قبل أسابيع للاحتفال بالعيد حيث تنتشر مشاعل النار ويجوب الأطفال الأحياء من بيت لبيت طلبا للحلوى.
النيروز في مصر هو عيد رأس السنة المصرية وهو أول يوم في السنة الزراعية الجديدة.. وقد أتت لفظة نيروز من الكلمة القبطية (ني ـ يارؤو) وهي تعني الأنهار، وذلك لأن ذاك الوقت من العام هو ميعاد أكتمال موسم فيضان النيل.. ولما دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف السي للأعراب (مثل أنطوني وأنطونيوس) فأصبحت “نيروس” فظنها العرب نيروز الفارسية.. ولارتباط النيروز بالنيل أبدلوا الراء باللام فصارت نيلوس ومنها أشتق العرب لفظة النيل العربية.
يقول الأنبا لوكاس المتنيح أسقف منفلوط.. أن النيروز اختصار (نيارو أزمو رووؤو) وهو قرار شعري ابتهالي للخالق لمباركة الأنهار.. وعوضاً عن كتابة القرار كامل بنصه اختصروا إلي كلمة واحدة، وأصبحت نياروس ومعناها الكامل عيد مباركة الأنهار.
وقد اُُختيرت بداية السنة المصرية مع موسم الفيضان، لأنه وجد نجمة الشعري اليمينية تبرق في السماء بوضوح في هذا الوقت من العام.. مما يعني أن السنة القبطية سنة نجمية وليست شمسية.. ذلك لأن الشمس تكبر الأرض بمليون وثلث مليون مرة والشعري اليمينية تكبر الشمس بـ 200 مرة مما يعني أنها أكبر من الأرض بـ 260 مليون مرة مما يجعل السنة النجمية أدق عند المقارنة بالشمسية.
ومع عصر دقلديانوس احتفظ المصريين بمواقيت وشهور السنة التي يعتمد الفلاح عليها في الزراعة مع تغيير عداد السنين وتصفيره لجعله السنة الأولي لحكم دقلديانوس ـ والتي تقابل سنة 282 ميلادية هي أول سنة قبطية.. وهي تعادل سنة4525 توتية (فرعونية).
ومن هنا أرتبط النيروز بعيد الشهداء.. حيث كان يخرج المسيحيين في هذا التوقيت إلي الأماكن التي دفنوا فيها أجساد الشهداء مخبئة ليذكروهم، وقد أحتفظ الأقباط بهذه العادة حتى أيامنا فيما يسمونه بالطلعة.
ويحتفل البهائييون فى العالم بعيد النيروز والذى ياتى بعد صيام شهر العلاء ويعتبر النيروز اول السنة البهائية الجديدة.
ويعتبرهذا اليوم عند البهائيين مبارك جدًّا لأنّه بداية الاعتدال الرّبيعي وأوّل الرّبيع في النّصف الشّمالي من الكرة الأرضيّة وتجد جميع الكائنات الأرضيّة أشجارًا وحيوانات وإنسانًا روحًا جديدًا فيه، وتجد نشاطًا جديدًا من النّسيم المحيي للأرواح فتنال روحًا جديدة وحشرًا ونشرًا بديعين لأنّ الفصل فصل الرّبيع، وتظهر في الكائنات حركة عموميّة بديعة..
وعيد النيروز في رومانيا له في كل عام نكهة خاصة وخصوصيته تاتي من خلال تميز الاحتفال وغناه الثقافي والفني.
وفي سورية يحتفل الأكراد كل عام بعيد النيروز فيخرجون الى الحدائق والغوطة والطبيعة ليرقصوا ويمرحوا مع الأغاني الكردية والرقصات التراثية البديعة، وتترافق مع اشعال النيران وصنع الطعام الفلكلوري والشعبي واجتماع الأحبة من كل مكان.
الصور المصغرة للصور المرفقة