تمضي الحياة ويسير قطار العمر سريعاً يمارس فيها الإنسان حياته بشكل اعتيادي أعماله.. واجباته.. زياراته كلها بشكل آلي روتيني دون أن يتوقف للحظة تأمل يرصد فيها أيامه.. لياليه كيف مضت؟ وكيف سيمضي ما بقي منها..؟ ماذا فعل؟ وأيّة حقيقة..؟ يبحث عنها؟ وأيّة معرفة يسعى إليها..؟
في غمرة هذه الأسئلة ألا يتمرد على هذا الواقع الذي يعيش فيه، وأيّة عبثية في هذه الحياة التي يحياها دون هدف يسعى إليه؟..
في لحظة تفكر ألا يتمرد على الأفكار التي يقرها المجتمع؟ هل يستطيع مخالفتها.. التمرد عليها؟ وكيف يتمرد وهو لا يمتلك إرادة الحرية وكيف له أن يمتلك هذا في حالة غياب الهدف وعبثيته.
ما هو هدفه في هذه الحياة..؟
سؤال يجب أن يطرحه كل فرد منا على نفسه، فكيف ننتصر للحياة إذا لم نكن نمتلك هدفاً واضحاً نسعى إليه وليس أيّ هدف؛ ولكن الهدف الذي يضفي معنى على حياتنا بما يحمله في جوهره فلا تكن مثل (سيزيف sizif) في الأسطورة الإغريقية حيث كان سيزيف أكثر الشخصيات مكراً واستطاع أن يخدع إله الموت (ثانتوس) وتكبيله مما أغضب كبير الآلهة (زيوس) فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه فإذا وصل إلى القمة تدحرجت إلى الوادي فيعود إلى الصعود بها إلى القمة ويظل هكذا حتى الأبد فأصبح سيزيف رمز العذاب الأبدي.
ألا يكون سيزيف في حالة موت وعذاب نفسي أبدي عندما تكون حياته آلية روتينية أشبه بالمريض النفسي الذي تسيطر عليه فكرة ثابتة لا يمكنه التخلص منها وأية محاكمة عقلية لا تستطيع فعل شيء ضدها فتتجمد كل الأفكار الأخرى أمامها فيسعى وفق اتجاه واحد.. حقيقة في ظاهرها جوفاء في جوهرها تعود به إلى نقطة الصفر.. فهو يعاود الكرة من جديد ويكرر نفس السلوك في آلية رهيبة فهو في حالة عذاب أبدي لأنه أفرط جهده وراء حقيقة خادعة.
المفكر الفرنسي ألبير كامو Albert cammus وصف سيزيف في مقالته عام 1942 بأن (سيزيف يمثل لا عقلانية الحياة الإنسانية) وختم بقوله "بأن المرء لابد أن يتخيل سيزيف سعيداً ومسروراً تماماً كما أن النضال والصراع والكفاح ذاته نحو الأعالي والمرتفعات كاف وكفيل بملء فؤاد الإنسان".
أسطورة سيزيف تشير في دلالتها إلى عبودية الإنسان، فعندما تتحول حياته إلى آلة يسير فيها دون تفكر، دون تأمل بصبح أسير عاداته.
أسطورة سيزيف تشير إلى انتصار الموت على الحياة في حالة غياب الفكر العميق بمعنى الحياة..
فإذا كنت تمتلك حقيقة الحياة..
فما هو هدفك في هذه الحياة؟